تهدف حجاجية الخطاب القرآني إلى تغيير أوضاع قائمة "الجهل، الإنحراف العبودية، الظلم..."، إلى أوضاع دائمة ومستمرة "الإيمان، العدل، الحرية، العلم، وهذه الصبغة الحجاجية للخطاب القرآني تلتقي مع تعريف الحجاج عند "PERLMAN و TITIKA"، إذ هو عمل غرضه دائما أن يغير وضعا قائما.من أجل ذلك كانت حجج القرآن الكريم وأدلته وبراهينه التي حاج بها خصومه واضحة، يفهمها العامة والخاصة، لإبطال كل الشبهات الفاسدة، وتبخيسها بأسلوب معلوم واضح النتائج، سليم النظم والتركيب لا يحتاج إلى إعمال العقل أو كثرة البحث، فيذكر الحقائق ويقررها واضحة جلية يلمسها الإنسان وتنطق بها شواهد الكون. كما يقوم القرآن الكريم على الحوار ليؤسس لدين يقطع العهد مع العبودية والجهل، وتهميش العقل، وليفسح المجال أمام الحجة والبرهان والدليل، من أجل بناء نسق إقناعي، للوصل إلى الإيمان مع المحاوَر، كيف ما كان تفكيره أو معتقده، يقول الحق سبحانه. وكلها أساليب "الحكمة، الموعظة، الجدال"، تتضمن الإقناع عن طريق الحجة، لأن طبيعة الانسان التي فطره الله عليها هي الاختلاف والتعدد، فخلق الله تعالى للإنسان على أساس الاختلاف، يدعم فكرة ترسيخه للحوار بالحجة والبرهان، وترسيخه للعدال الإلهي من أجل تجاوز الاختلاف وتحقيق التفاهم.